الخميس، 24 يوليو 2008

آيفار جيفر: لم تعد ثمة أسئلة كبرى في الفيزياء

"السفير" في ملتقى فيزيائيي نوبل، حيث يسبح أحدهم ضد التيار

آيفـار جيفـر: لـم تعـد ثمـة أسـئلة كبـرى أمـام عـلمـاء الفـيزيـاء



على جدران القاعة الرئيسة لمركز المؤتمرات "انزلهال" بمدينة لنداو الألمانية تَراصّت صور الفيزيائيين الحاصلين على جائزة "نوبل" الذين يشاركون في دورة هذا العام من الملتقى السنوي. ومن بين الابتسامات الوادعة لعلماء يخطو أغلبهم في العِقد الثامن من العمر، تبرز صورة الدكتور آيفار جيفر (Ivar Giaever) بابتسامته اللعوب وقد أخرج لسانه للناظرين

بيد أن الجدل الذي أثاره جيفر لم يكن سببه الصورة، وإنما آراؤه التي بثها غير مرّة عن الأسئلة الكبرى الباقية في الفيزياء وتغيّر المناخ وغيرها


فلم يكن قد مضى سوى بضع دقائق على بداية محاضرة الفيزيائي النرويجي-الأميركي، في ثاني أيام المؤتمر، حين ألقى بسؤاله: "ماذا يحتاج في رأيكم مهندس ميكانيكا من النرويج ليفوز بجائزة نوبل؟" وبعد برهة صمت، تطوع بالإجابة: "لا شك سيحتاج لقسط كبير من ذلك।" وأشار بيده لشاشة العرض المتصلة بحاسوبه الشخصي وقد أضاءت عليها، بحروف إنجليزية ضخمة، كلمة "الحظ". وفي ختام كلمته عن اكتشافاته في مجالات التوصيلية الفائقة والنفاذية، كان من بين النصائح التي قدمها للباحثين الشباب أن يتذكروا أن النجاح في مجال الفيزياء ينطوي على منافسة شرسة تقتضي أحيانا أن يتخلى الباحث عن دماثة أخلاقه مع زملائه.


ورغم نزوع آيفار جيفر الظاهر للمزاح فإن كلمته أثارت حفيظة بعض زملائه. ومن بين الذي عقبوا على ملحوظة جيفر الأخيرة ويليام فيليبس، فيزيائي نوبل للعام1997 . قال فيليبس: "إذا كانت دماثة الأخلاق لا تؤثر بالسلب أو الإيجاب على أبحاثنا، فلماذا لا نلتزم بها في تعاملنا مع زملائنا على أية حال؟"


وقد توافد فيزيائيو نوبل على مدينة لنداو الألمانية لإلقاء المحاضرات والالتقاء المباشر مع الباحثين الشبان في إطار الدورة الثامنة والخمسين للمؤتمر السنوي الذي عقد بين التاسع والعشرين من حزيران الماضي والرابع من تموز، بتلك المدينة الجزيرة ذات الطابع السياحي، والتي تطل على بحيرة كونستانس شمالي ألمانيا।


ويعقد مؤتمر لنداو منذ العام 1950، برعاية عائلة "برنادوت" السويدية العريقة، ليكون جسرا للتواصل المباشر بين حاصلين على جائزة نوبل في فرع أو أكثر من العلوم وباحثين واعدين في هذا المجال يأتون من شتى أرجاء العالم।

وقد خُصصت دورة هذا العام للفيزياء، حيث ألقى نحو 25 فيزيائيا من حاملي نوبل محاضرات حول إسهاماتهم. كما تواصلوا عن قرب في جلسات مغلقة، بعيدا عن الصحافيين والجمهور العام، مع نحو 500 باحث شاب في الفيزياء أتوا من الجهات الأربعة. وتلك خاصية مميزة للمؤتمر عن غيره يعتز بها منظموه।


نهاية عهد الأسئلة الكبرى؟

في واحدة من تلك الحوارات المغلقة سأل أحد الباحثين جيفر: "لو أنك واحد من باحثي الفيزياء الشبان اليوم، ماذا كنت تفعل؟" فأجاب: "كنت سأترك الفيزياء وأتجه لعلم الأحياء (biology)، ففي الأخير الأسئلة الكبيرة والمثيرة، أما أسئلة الفيزياء الكبرى فقد حُلّت।"


ماذا كان يقصد جيفر بالضبط بهذه الإجابة؟ ردا على السؤال، قال جيفر لـ "السفير": "إن القوانين الأساسية للعلوم، تلك التي نستخدمها في بناء الطائرات والسيارات وغيرها، معروفة للعلماء منذ عشرينيات القرن الماضي تقريبا। ويمكن القول بأنه ليس ثمة قوانين جديدة منذ ذلك الحين. وواقع الأمر أنه لم يعد لدى الفيزيائيين برامج [بحث] حقيقية لينشغلوا بها."


وضرب جيفر، المولود في العام 1929 بالنرويج، مثالا على ذلك بالتطورات الحادثة في ميكانيكا الكم، شارحا أن أساليب فهمنا لها تحسنت، ولكن قوانينها الأساسية معروفة منذ الربع الأول من القرن الماضي. وأضاف أن هذه التطورات تؤكد ما نعرف فعلا؛ ولكنها لا تغير شيئا مما نعرف। ولكنه أوضح في الوقت نفسه أن معرفة القوانين لا تعني بالضرورة معرفة كل التفاصيل.


أما في علم الأحياء، يضيف جيفر، فمسائل مثل السرطان وطبيعة الذاكرة واستخدامات الخلايا الجذعية كلها تفتح آفاقا واسعة لشباب الباحثين. سألته إن كان هذا الإدراك سبب تحول اهتمامه لعلم الأحياء؟ فأجاب بالنفي: "[بنهاية ستينيات القرن الماضي] كان حماسي للفيزياء قد أخذ يخبو، لاسيما أنني لم أرَ فرصا بحثية في الأفق। فأنا بطبيعتي لا أستطيع العمل في فرق بحثية كبيرة مؤلفة من عشرات الباحثين سعيا وراء مجاهل الفيزياء النظرية. وإنما أفضل إجراء التجارب وتحسينها، سعيا لإيجاد حلول لما سنواجه غدا، أو بعد أسبوع، ولكن ليس بعد خمس سنوات."


لم تحظ وجهة نظر جيفر بالقبول لدى فيزيائيي نوبل الذين استُطلعت آراؤهم. ففي تعقيبه على وجهة نظر جيفر قال جورج اسموت (George Smoot)، فيزيائي نوبل لعام 2006، إنه لا يزال في الفيزياء فيض من الأسئلة للراغبين في السعي خلفها، ومنها طبيعة تلازم الزمان والمكان (أو الزمكان). وأشار اسموت إلى أن التطورات في علم الفيزياء تؤتي ثمارها في تطبيقات علم الحياة والتطبيقات الطبية। وساق كمثال على ذلك الفوائد التي حققتها الأجهزة المعتمدة على الموجات الكهرومغناطيسية في الأغراض الطبية.


ومن بين المعارضين لجيفر أيضا كان ديفيد غروس (David Gross)، العالم الأميركي الحاصل على نوبل الفيزياء عام 2004. قال غروس لـ "السفير": "إن القول بنهاية عهد الفيزياء البحتة أسطورة يروجها بعض علماء الأحياء। لا يزال ثمة الكثير من الأسئلة الأساسية التي لا نعرف لها إجابات." ولكن غروس أضاف أن هذا لا يناقض حقيقة أن المعضلات في مجال الطب، كأمراض السرطان والإيدز وغيرها، تمثل حافزا لكثير من شباب الباحثين لتفضيل علم الحياة على الفيزياء، لاسيما وأن التمويل المخصص للأبحاث الطبية يفوق كثيرا مخصصات الأبحاث الفيزيائية.


من الفيزياء للبيولوجيا

ولكن جيفر، اختلف معه زملاؤه أم اتفقوا، حسم أمره مبكرا. ففي العام 1969 تحول اهتمامه لعلم الأحياء. فغادر الولايات المتحدة إلى بريطانيا ليدرس الفيزياء الحيوية في جامعة كيمبردج. وعندما عاد للولايات المتحدة بعد نحو عام، عكف على دراسة جزيء البروتين، ثم على حركة الخلايا المستخلصة من ثدييات في مستنبتات الأنسجة (tissue culture)، مع التركيز على المقارنة بين حركة الخلايا الطبيعية وتلك المصابة بالسرطان. وفي العام 1991 أنشأ جيفر شركة "بيوفيزيكس" التي طورت جهازا (متاحا تجاريا) لمراقبة حركة الخلايا في مستنبتات الأنسجة।


والحق أن تحول جيفر للفيزياء الحيوية لم يكن الانتقال الكبير الوحيد في حياته المهنية. فقد درس عالم نوبل الهندسة الميكانية بجامعة أوسلو وتخرج في العام 1952. ثم شاءت الأقدار أن ينعطف مسار حياته عندما تقدم لشغل وظيفة بالفرع الكندي لشركة "جنرال إلكتريك" الشهيرة في العام 1954. وقد حدث ذلك نتيجة مفارقة طريفة رواها جيفر في المحاضرة التي ألقاها في لِنداو، كما في كلمة تسلّمه لجائزة نوبل. فبينما تمثل درجة "4" أعلى ما يمكن أن يحصل عليه طالب في النظامين الدراسيين الأميركي والكندي، فإن درجة "4" في النظام النرويجي تعني "مقبول" فحسب। وعندما تقدم جيفر بأوراقه لجنرال إلكتريك، وكانت تقديره "4" في كل من الفيزياء والرياضيات، ظن ممتحنَه أن الجالس أمامه نابغة فيزياء ورياضيات فسارع إلى توظيفه.


وقال جيفر معقبا على تلك الحادثة، بأسلوبه المازح كعادته: "في الأحوال العادية أميل لأن أكون أمينا। ولكني قررت أنه ربما لم يكن من الحكمة أن أكون أمينا في هذا اللقاء التوظيفي."


بدأت رحلة جيفر الجادة مع الفيزياء في العام 1958. ففي ذلك العام – وكان قد انتقل للعيش بالولايات المتحدة منذ عامين – التحق جيفر بمركز الأبحاث والتطوير لشركة جنرال إلكتريك। وبالتوازي، انتظم بالدراسة بمعهد "رنسليير" التقني في نيويورك ليحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء في العام 1964 (ليعود بعد أربعة وعشرين عاما ويعمل أستاذا بالمعهد نفسه).


في الفترة بين 1958 و1969 أجرى جيفر أبحاثا وصمم تجاربَ تتعلق بمجالي التوصيلية الفائقة (superconductivity) والنفاذيّة (tunneling)، وذلك بحسب ما أورد موقع جائزة نوبل. والمقصود بالنفاذية قدرة الإلكترون – بطبيعته الثنائية، الموجية والجزيئية، التي أوضحها العالمان دي بروغلي وشرودنغرفي الربع الأول من القرن العشرين – على النفاذ عبر الأجسام الرقيقة إذا ما دفع بطاقة مناسبة. أما التوصيلية الفائقة فتعني قدرة الإلكترونات على الانسياب بغير مقاومة في الأسلاك. فإذا ما أُطلقت دفقة إلكترونات في ملف مغلق من مادة فائقة التوصيلية، فإنها قادرة على السريان في هذا الملف، نظريا على الأقل، إلى ما لا نهاية. وقد كان إسهام جيفر بتصميمه تجارب تؤكد بعض الفرضيات المبكرة لنظرية التوصيلية الفائقة لفليكس بلوتش في ثلاثينيات القرن المنصرم. وعلى أثر تلك التجارب حاز على جائزة "أوليفر بَكْلي" المرموقة في الفيزياء في العام 1965، ثم جائزة نوبل بالمشاركة مع فيزيائييَن آخرين في العام 1973.


ويخرج لسانه لزملائه من فيزيائيي نوبل!

وكأن آراء جيفر حول مصير الفيزياء البحتة ودور الحظ في الحصول على جائزة نوبل لم تكن مثيرة للجدل بما يكفي، فأضاف من الشعر بيتا بوجهة نظره المغايرة حول ظاهرة تغير المناخ. ففي حلقة النقاش الوحيدة لمؤتمر لنداو هذا العام، والتي خصصت لموضوع "التغيرات المناخية وتحديات الطاقة"، اتخذ جيفر موقفا يعارض فيزيائيي وكيميائيي نوبل الستة الآخرين المشاركين في النقاش. وقد كان أسلوبه لاذعا لدرجة يبدو أنها أثارت غضب أحد المشاركين، جاك ستاينبرغر، فيزيائي نوبل لعام 1988، والذي امتنع عن التعليق مرتين حين حان دوره في حلقة النقاش.


في شرحه لتشككه حول ظاهرة تغير المناخ، قال جيفر: "لقد عشت عمرا طويلا، ظهرت خلاله صَرَعات عدة. منها مثلا الأمطار الحامضية [في السبعينيات والثمانينيات]. ولكن لم يعد أحد يتحدث عن ذلك اليوم. ثم ثقب الأوزون في التسعينيات، الذي لا يكاد المرء يسمع عنه شيئا هذه الأيام. والآن لدينا تغير المناخ." وأضاف، "لقد بلغ الاعتقاد في ظاهرة تغير المناخ مبلغ العقيدة. وصار كل من يثير أسئلة حول الظاهرة وكأنه فقد صوابه."


وأشار الفيزيائي النرويجي المولد أيضا إلى ما وصفه باختلاط الحقائق بالآراء الشخصية عند الحديث عن ظاهرة تغير المناخ: "لقد سمعتَ منذ قليل مدير حلقة النقاش يقول إن ثمة احتمالا قدره 90 في المئة أن يكون النشاط البشري سبب ظاهرة تغير المناخ. و ليس ذلك حقيقة علمية مثبتة وإنما رأيه الشخصي."


فلماذا يتشكك جيفر في أن ثمة تغيرا استثنائيا في مناخ الأرض؟ أول تحفظات عالم نوبل تتعلق بالطريقة التي جمعت بها البيانات التي قادت إلى فرضية تغير المناخ. إذ يقول إن تحصيل البيانات حول درجات الحرارة في مناطق مختلفة من العالم، في الصين وماليزيا والمكسيك وغيرها، تم بطريقة عشوائية تقريبا، تفتقد للاتساق والمعيارية. وقال جيفر إنه عندما سأل بعض زملائه من علماء نوبل عن الكيفية التي جُمعت بها المعلومات عن تغير المناخ، كان ردهم أن هذه الإحصاءات يجب أن تؤخذ كما هي. ولكنه لا يقبل بذلك: "العالِم لا يأخذ البيانات على علاّتها."


وأضاف أن البيانات الموثقة حول درجة الحرارة في الولايات المتحدة ترسم صورة مختلفة لتغير المناخ. فقد وجد جيفر أن أعلى درجة حرارة مسجلة في الولايات المتحدة كانت من نصيب العام 1989، ويعقبه العام 1934، ثم 1921. ولكن تجدر ملاحظة أن الكثيرين من مؤيدي نظرية تغير المناخ يقارنون متوسط الحرارة لكل عشرة أعوام، وليس درجات الحرارة للسنوات كل على حدة।


أهم من ذلك، يقول جيفر، إن درجة حرارة الهواء تتحدد أساسا وفقا لدرجة حرارة مياه المحيطات. فالمحيطات تغطي نحو 70% من سطح الأرض، كما أن الاستيعاب الحراري (heat capacity) لمياه المحيطات يفوق كثيرا استيعاب الهواء، ربما بحوالي 10 آلاف ضعف بحسب جيفر، الذي أضاف: "نحن لا نعرف شيئا على الإطلاق عن التغير في حرارة المحيطات لأننا لم نرصدها."


وذكر جيفر أن أوروبا شهدت ما أسماه بعصر جليدي محدود خلال القرن السابع عشر، أي قبل الثورة الصناعية وتزايد تأثير البشر على بيئة الأرض. وكان ذلك العصر الجليدي ذروة ظاهرة انخفاض لدرجة الحرارة استمرت لنحو 200 عام. ولفت إلى أن البحث فيما يمكن أن يكون تغيرا للمناخ الآن يجب أن يأخذ في الاعتبار ظاهرة العصر الجليدي المحدود، لأنها ستسهم في تقرير إذا ما كنا نشهد تغيرا في المناخ أم لا.


ورغم تشكك جيفر في حدوث تغير جذري للمناخ، فإنه يقبل كافة الاحتمالات: "إنني أعتقد أننا لا نشهد تغيرا في المناخ، ولكن ليس لدي من الأدلة ما يؤكد رأيي ذلك يقيناً؛ وكذا الأمر لدى المؤيدين لحدوث تغير في المناخ، فهم أيضا ليس لديهم أدلة يقينية. وواقع الأمر أنه إن كان ثمة تغير في المناخ فليس هناك ما نستطيع فعله."


وفي سؤال "للسفير" عن الرأي الذي أدلى به أحد المشاركين في حلقة النقاش والقائل بأن مجرد الزيادة المطردة في عدد سكان الأرض يعني زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون، مما يسهم في ارتفاع درجة الحرارة على الكوكب، ومن ثم وجب الإسراع بتنفيذ سياسات لمواجهة ذلك الاحتمال، أجاب جيفر "هذه وجهة نظر مثيرة للاهتمام. ولكن ثمة كتابا لمؤلف روسي اسمه [سرغي] كابتسا (Sergei Kapitsa) يقول فيه إن النمو السكاني سيتوقف من تلقاء نفسه. وهذا صحيح لدرجة كبيرة، فمثلا نحن في أوروبا لدينا تقلص سكاني".


العلماء يتعارضون

ويثير الانتباه في الجدل خلال حلقة النقاش حول تغير المناخ اختلاف المشاركين، وسبعة منهم علماء حاصلون على جائزة نوبل، حول تعريف "الحقيقة العلمية"। فما كان في رأي أحدهم حقيقة دامغة (كما في اطّراد حرارة الأرض) كان في رأي آخر فرضية بُنيت على بيانات غير مُثبتة.


ولم يقف الخلاف عند ذلك الحد. ففي حديثه مع "السفير" أشار جيفر بأصابع الاتهام للعلماء الذين يؤيدين نظرية تغير المناخ بغير تحفظ بأنهم يستفيدون من وراء ذلك، لافتا إلى أن الحصول على تمويل للأبحاث حول تغير المناخ أيسر كثيرا من تحصيل تمويل لدراسات في شؤون أخرى. وقد ترددت اتهامات مماثلة حول جيفر نفسه بين بعض ممن حضروا المؤتمر، وأنه ربما يرتبط بمصالح بالمؤسسة السياسية والصناعية في أميركا التي عارضت كثيرا القول بأن ثمة تغيرا جذريا في المناخ مرده النشاط البشري. وهكذا شهد الملتقى العلمي قدْرا من الغمز والاتهامات المتبادلة، غير العلمية، عن الباحثين ودوافعهم لتأييد أو رفض نظرية تغير المناخ।


وقد وصفت كرستينا ريد، الصحافية ومؤرخة العلوم، جيفر بأنه يمثل "مدرسة قديمة" من العلماء الذين يبدون الكثير من المقاومة للأدلة على ظواهر أو آراء تعارض آراءهم.


ولا ينفي جيفر أنه ينتمي لمدرسة تختلف عن تلك التي ينتمي إليها معظم الفيزيائيين: "أغلب الفيزيائيين لا يعرفون أين يوجهون طاقاتهم البحثية، ومن ثم فإنهم يخترعون مشكلات ليست ذات أهمية، ويأتون بحلول لها، ثم ينشرون ذلك في دوريات علمية. أما أنا فأفضل التعامل مع مشكلات حقيقية. ربما أنا أقرب للمخترع مني للعالِم."

الخميس، 10 يوليو 2008

بل غيتس وأسئلة الرحيل الصعبة


بينما يترك بل غيتس مهامه اليومية لدى مايكروسوفت، يبقى معلّقا سؤالان كبيران يبدو أن العبقري غيتس يئس من العثور على إجابات لهما.


بدءا من الأول من يوليو الجاري تخلى بل غيتس، أحد الشريكين المؤسسين لمايكروسوفت، عن مهامه اليومية لدى الشركة العملاقة، مكتفيا بمنصب الرئيس غير المتفرغ والاستشاري عند الطلب. وكانت مايكروسوفت قد كشفت في الخامس عشر من يونيو 2006 عن مرحلة انتقالية مداها عامان يحل فيها بالتدريج مسؤولون كبار بمايكروسوفت محل غيتس ليتفرغ الأخير لإدارة المؤسسة الخيرية الضخمة التي تحمل اسمه واسم زوجته.


ولكن نظرة متفحصة ربما تقودنا لأسباب إضافية لاختيار غيتس التنحي عن إمبراطورية مايكروسوفت في هذا التوقيت. فثمة قوتان كبيرتان في ميدان تكنولوجيا المعلومات تنازعان سيادة مايكروسوفت، ولم تستطع الأخيرة أن تواجههما بحسم خلال نحو عقد من الزمان، كما كانت تفعل في الماضي. هاتان القوتان هما التطبيقات الحرة والمفتوحة المصدر (مثل نظام تشغيل لينِكس وحزمة البرامج المكتبية أوبن أوفيس) ثم البرمجيات الإنترنتية التي تُشَغّل كلية عبر متضفح الإنترنت، دون الحاجة لتثبيتها على القرص الصلب للحاسوب الشخصي، كما في الحزم البرمجية من غوغل وزوهو (Zoho) وغيرهما. ويبدو أن غيتس ورفاقه أدركوا أن الحاجة ماسة لمقاربات ورؤى جديدة في التعامل مع هاتين القوتين، وذلك لأن عقلية الحقبة الماضية لم تعد قادرة على التعامل مع المعطيات والظواهر الجديدة بكفاءة. ومن ثَمّ، ربما، كان قرار تنحي غيتس.


حقبة جديدة بمتطلبات جديدة

يبدو أن مايكروسوفت أدركت عمق التغيير في قطاع تكنولوجيا المعلومات مع نهايات العام 2004 وبدايات 2005. ومن دلائل ذلك أن سعت الشركة لاجتذاب دماء جديدة ضمن مسؤوليها الكبار.ففي أبريل/نيسان 2005 استحوذت مايكروسفت على شركة "جروف" للتطبيقات التكاملية (أي تلك التي تيسر التعاون بين موظفين بشركة في إنشاء وتحرير الملفات النصية والمحاسبية وغيرها آنيا عبر شبكات حاسوبية). وعُين رئيس جروف، راي أوزي، مديرا تقنيا بمايكروسوفت، ليصبح واحدا من المسؤولين الخمسة الكبار في الشركة. وكانت تلك المرة الأولى التي تدفع بها مايكروسوفت مسؤولا بشركة تم شراؤها لهذه المنزلة الرفيعة مباشرة. وقال متابعون لقطاع تكنولوجيا المعلومات حينها إن الغرض من تلك الصفقة كان بالأساس الحصول على السيد أوزي، وهو المبرمج الفذ الذي طور وفريقه "لوتس نوتس" التي كانت من أولى التطبيقات التكاملية في النصف الثاني من التسعينات. ثم تأكدت صحة هذه التحليلات عندما أعلنت مايكروسوفت بعد نحو عام عن المرحلة الانتقالية السابقة لرحيل غيتس، والتي صاحبها ترقية السيد أوزي ليصير معماري البرمجيات الأول، وهو المنصب الذي كان يشغله غيتس منذ العام 2000، وليكتفي الأخير بوظيفة الرئيس (chairman) حتى غرة يوليو الجاري.


فماذا الذي حدث في العام 2005 ليستحث تلك القرارات لدى مايكروسوفت؟ بحلول ذلك العام كانت ثمة ظاهرتان كبيرتان لم يعد ممكنا لمايكروسوفت تجاهلهما أو التهوين من شأنهما. أولهما كان صعود غوغل. ففي أغسطس/آب السابق (2004)، كانت غوغل قد طرحت أسمهمها للاكتتاب العام، محققة أكبر تقييم سوقي لشركة إنترنتية (نحو 22 مليار دولار) في أول أيام التداول منذ انهيار أسهم شركات الإنترنت أواخر العام 2000. وبعد نحو ثلثي العام كانت قيمة سهم غوغل في صعودها الصاروخي، بالغة 180 دولارا، بارتفاع نحو 100% عن سعر الطرح في أغسطس/آب. (ويبلغ سهم غوغل عند كتابة السطور نحو 530 دولارا.) أما الظاهرة الثانية فكانت ترسخ موجة البرمجيات الحرة والمفتوحة.


تحدي البرمجيات الإنترنتية

مثلت غوغل منذ بدايتها تحديا لمايكروسوفت. فمحرك البحث الفائق الذي قدمته غوغل جعل المستخدمين أكثر اعتمادا على الشبكة العالمية في الحصول على المعلومات. وهذا بحد ذاته تهديد لمايكروسوفت التي تجني العوائد من بيع البرمجيات التي تعضد ارتباط المستخدمين بالحواسيب الشخصية (مثل نظام ويندوز وحزمة برمجيات "أوفيس" المكتبية). ومن ثم، فقد كان القلق لدى مايكروسوفت بأن غوغل ربما تستطيع أن تجعل متصفح الإنترنت المزود عبر أي نظام تشغيل (وليس "ويندوز" بالضرورة) نقطة الانطلاق في تعامل المستخدمين مع المعلومات عامة (بحثا وتصنيفا وإنشاءا وتخزينا)، مما قد يُميل كفة الميزان في غير صالح نظام ويندوز وأخواته من منتجات مايكروسوفت.


أما التحدي الأكبر من غوغل فكان اعتمادها على نموذج جديد في تطوير البرمجيات وتحقيق العوائد من ورائها. ففي النموذج السائد في الحقبة قبل غوغل، كانت الشركات تبيع ما تطور من برمجيات، وتجني الأرباح من عوائد بيع تلك البرمجيات وتحديثاتها في الإصدارات الجديدة. وقد تفوقت مايكروسوفت في هذا المضمار، خاصة مع برمجياتها هائلة الانتشار ويندوز وأوفيس. غوغل، بالمقابل، تتيح برمجياتها مجانا في الغالب. منتجاتها مجانية للمستخدم، ولكنها تحصل عوائدها من الشركات التي ترغب في وضع إعلاناتها لتصحب بعضا من تلك المنتجات. وقد أطلقت غوغل الإشارة الأولى على هذا التوجه في أول أبريل/نيسان 2004 بخدمة "جي ميل" (Gmail)، خدمة البريد الإلكتروني الإنترنتي من غوغل. وقد كانت مواصفاتها مغايرة لكل منافسيها (هوتميل وياهو) لدرجة أن ظنها البعض حينها "كذبة أبريل". فبينما توقفت السعة التخزينية لياهو وهوتميل حينها عن 4 و2 ميجا بايت، على الترتيب، أتاحت جي ميل 1000 ميجا بايت (أو واحد جيجا بايت) من السعة التخزينية. إضافة إلى ذلك، كانت حركة التحديث في جي ميل متسارعة للحد الذي بدأ "جي ميل" ينافس نظراءه من برمجيات مايكروسوفت غير المجانية المزودة على القرص الصلب للحاسوب الشخصي مثل برنامج "أوت لوك أكسبرس".


وخلال الأعوام بين 2004 و2007 تأكد توجه غوغل بتقديمها مجانا بدائل مقبولة المستوى لما تقدمه مايكروسوفت بمقابل غير بسيط. وقد شمل ذلك برمجيات لمعالجة النصوص والجداول المحاسبية والعروض التقديمية والرزنامة واستقبال المحتوى المتجدد من المواقع (RSS) وغيرها، وكلها تعمل عبر متصفح الإنترنت فحسب. ويستطيع المرء أن يقوم بإنشاء وحفظ واسترجاع الملفات دون مقابل، ودون تثبيت برامج على حاسوبه الشخصي أو الحاجة لتحديث البرمجيات بانتظام.


وليست غوغل السائر الوحيد على هذا الطريق. فثمة جيل جديد من الشركات التي تقدم كل الخدمات التي كانت مقصورة على برمجيات القرص الصلب عبر متصفح الإنترنت. ومن أمثلة ذلك شركة "زوهو" (Zoho) و"جوفيس" (gOffice) اللتان تقدمان حزمتي برمجيات مكتبية، و"سيلز فورس" (SalesForce.com) لخدمات العملاء المدارة إنترنتياً، وغيرها. بل إن شركة "أدوبي"، المشتهرة ببرنامجها "فوتو شوب" لمعالجة الصور قد بدأت في طرح خدمات إنترنتية لمعالجة النصوص وتحويل الملفات لنسق (PDF) مجانا عبر موقع Acrobat.com. ويطلق البعض على هذه الموجة من البرمجيات الإنترنتية "ويب 2" (Web 2.0)، أو الجيل الثاني من الشبكة العالمية للمعلومات.


أمام هذه الموجة الجديدة من البرمجيات الإنترنتية، بحثت مايكروسوفت عن الإجابات لدى راي أوزي. الآن وبعد مرور نحو عامين على شغله منصب معماري البرمجيات الأول، لا يبدو أنه أنجز الكثير. وهذا مفهوم لأن التغير في بيئة تكنولوجيا المعلومات ربما يفرض على مايكروسوفت أن تغير طريقها الذي سلكته بنجاح لما يزيد على ثلاثة عقود. إذ كيف تستطيع الشركة العملاقة أن تواصل بيع برمجيات يقدم المنافسون أمثالها مجانا للمستخدمين؟ أتستطيع مايكروسوفت أن توزع "ويندوز" أو "أوفيس" مجانا؟ فإن لم يكن ذلك ممكنا، فما الذي تستطيع مايكروسوفت أن تقدمه مجانا للمستخدمين لتحفظ ولاءهم لـ "ويندوز"؟ وما مصير "ويندوز" لو سادت البرمجيات الإنترنتية، تلك التي تعمل عبر متصفح الإنترنت ولا تحتاج بالضرورة لنظام التشغيل الأشهر من مايكروسوفت؟


ربما أدرك غيتس، ذو الثلاثة وخمسين عاما، أنه ليس لديه إجابات وافية لتلك الأسئلة الصعبة. وربما لم يصل أوزي هو الآخر لإجابات. ولكن إلى حين تحصيل إجابات، قررت مايكروسوفت ترسيخ العلامة التجارية لـ "ويندوز" بإضافة تلك الكلمة لطيف واسع من منتجاتها. فصار برنامج التراسل "إم إس إن مسنجر" "ويندوز لايف مسنجر"، وصار "هوتميل" "ويندوز لايف ميل"، ومحرك البحث "إم إس إن" "ويندوز لايف سيرش"، وهكذا. كما طرحت مايكروسوفت مؤخرا خدمة "ويندوز ورك سبيس" المجانية التي تتيح للمشتركين حفظ واستعراض واسترجاع (وليس تحرير) الملفات، خاصة الملفات المنشأة عبر حزمة "أوفيس". ودعمت مايكروسوفت أيضا من إمكانيات التعاون والتكامل في برمجياتها، مما ييسر التشارك في إنشاء وتحرير وحفظ واسترجاع الملفات عبر برمجياتها، خاصة "أوفيس 2007".


خطر البرمجيات المفتوحة

أما النموذج الآخر في تطوير البرمجيات الذي ينازع نموذج مايكروسوفت فهو حركة البرمجيات الحرة والمفتوحة، وهو اتجاه أطول عمرا وفي ظن البعض أعمق أثرا من البرمجيات الإنترنتية. في هذه البرمجيات يتعاون عشرات أو مئات أو آلاف من المبرمجين طوعا لإنتاج برامج أغلبها مجاني، وتتاح شيفرتها للجميع لمن يريد أن ينشرها أو يغيرها. وهذا يختلف عن البرمجيات المغلقة (أي أي لا تتاح شيفرتها للمستخدمين) مثل كل أو أغلب برمجيات مايكروسوفت وأبل وأوراكل، على سبيل المثال. ومن أشهر البرمجيات المفتوحة نظام تشغيل "لينِكس" وبرمجية "أباتشي" لتشغيل خوادم الإنترنت، و"سند ميل" لتشغيل خوادم البريد الإلكتروني، ومتصفح فايرفوكس، وحزمة البرامج المكتبية "أوبن أوفيس" (OpenOffice.org). وتستخدم البرمجيات الحرة والمفتوحة وزارة الدفاع الأميركية وكبرى البنوك الأميركية، مثل ميريل لنش، وشركات للإنتاج السينمائي مثل "دريم وركس"، وشركات طيران مثل "إير فرانس".


ورغم أن نظام "لينِكس" لا يزال محدود الانتشار على الحواسيب الشخصية (نحو 3%، مقارنة بنحو 93% لـ "ويندوز") إلا أنه أوسع انتشارا على الحواسيب الخادمة للشركات، بنسبة تبلغ 23%، مقارنة بـ 55% لـ "ويندوز"، كما أوردت مجلة فورتشن في أواخر 2004. يبد أن شركة "ديل"، ثاني كبرى شركات تصنيع الحواسيب، بدأت العام الماضي إصدار حواسيب محملة بأحد إصدارات نظام "لينِكس" على بعض طرزها من الحواسيب المحمولة.


وكانت حركة البرمجيات الحرة والمفتوحة قد بدأت على يد المبرمج والباحث ريتشارد ستولمان بالعام 1984. ولكنها اكتسبت الزخم الكبير بعد أن طور المبرمج الفنلندي "لينَس تورفالدز" نواة نظام تشغيل "لينِكس" في العام 1991 وطرحها عبر الإنترنت للمبرمجين ليبنوا عليها ويحسنوها. وتسارع انتشار "لينِكس" خلال النصف الثاني من التسعينيات، خاصة مع إقدام شركات مثل "رد هات" (ولاحقا "آي بي إم) على تقديم خدمات الدعم الفني للحواسيب العاملة بنظام لينِكس.


لم يكن الخطر الذي تلوح به البرمجيات المفتوحة على منتجات مايكروسوفت مستترا. فالبرمجيات المفتوحة تقدم بدائل، إن لم تكن مجانية فأقل تكلفة من نظيراتها لدى مايكروسوفت. وقد بدا خيار البرمجيات المفتوحة جذابا لدى بعض الحكومات. فقد رأت دول مثل الصين والبرازيل أن اعتماد البرمجيات المفتوحة والإنفاق على تدريب مبرمجين محليين للقيام بالدعم الفني قرار ربما يكون أكثر وجاهة اقتصاديا من بذل استثمارات ضخمة على نفقات ترخيص البرمجيات مغلقة المصدر.


لصد الموجة المتصاعدة للبرمجيات المفتوحة اتبعت مايكروسوفت أساليب شتى. منها حملة إعلانية ضخمة عنوانها "تعرف على الحقائق" (Get the Facts)، محورها أن الكلفة الكلية لاستخدام البرمجيات الحرة والمفتوحة، خاصة "لينِكس" أعلى من تلك المترتبة على استخدام "ويندوز" وأخواته. ولكن يبدو أن هذه الحملة كانت محدودة الأثر، وذلك لأن دراسات من مصادر مختلفة قارنت بين الكلفة الكلية لاستخدام كل من "لينِكس" و"ويندوز" وتوصلت لنتائج متضاربة. ومن ضمن أساليب المواجهة أيضا ما شيع عن دعم مايكروسوفت لشركة أميركية تُدعى "اسكو" (SCO) قاضت شركة "آي بي إم" وعملاءها (ومنهم شركة "مرسيدس") في عام 2003 بدعوى استخدامهم بغير وجه حق أجزاءا من الشيفرة البرمجية لنظام "يونكس" (التابع لـ "اسكو") في نظام "لينِكس" الذي تستخدمه "آي بي إم" على حواسيبها الخادمة. في هذه الدعوى طالبت "اسكو" بتعويض قدره 6 مليار دولار، ولكن رفضت المحكمة الدعوى في أواخر 2006.


أوان الرحيل .. والمهادنة

إذا، بحلول العام 2005 كان جليا أن البرمجيات الحرة والمفتوحة راسخة الجذور. ولم يكن ثمة دلائل على أن بيل غيتس ورفاقه لدى مايكروسوفت قد توصلوا بعد لطريقة ناجعة للتعامل مع هذا النموذج في تطوير البرمجيات الذي يناقض نموذجهم. وربما بدا لغيتس أنه لم يكن مؤهلا لمواجهة هذا التحدي. فآثر غيتس المضي قدما نحو مؤسسته الخيرية، تاركا البرمجيات المفتوحة وأسئلتها الصعبة للدماء الجديدة في الشركة العملاقة.


ويبدو للّحظة أن راي أوزي أميل للمهادنة مع البرمجيات المفتوحة. فبدلا من الصدام – وهو التوجه الذي يشيع أن الرئيس التنفيذي للشركة ستيف بولمر يفضله – أتاحت مايكروسوفت خلال العامين الأخيرين إمكانيات تعضد للمرة الأولى التوافق (interoperability) بين الحواسيب العاملة بـ "ويندوز" وتلك العاملة بـ "لينِكس" داخل الشبكة الحاسوبية الواحدة أو عبر شبكات مختلفة.


وفي أجواء التحديين الكبيرين – البرمجيات الإنترنتية والبرمجيات الحرة والمفتوحة – بدا تنحي غيتس عن عرش مايكروسوفت أقل احتفالية مما ظن كثيرون. وفي هذا ما يدعو، ربما، لبعض التعاطف. فهذا الرجل المشهود بعبقريته والذي لم يبلغ بعد أواسط العقد السادس من عمره قد بنى أكبر شركة برمجيات في العالم؛ وحتى بزوغ غوغل، كانت مايكروسوفت أسرع الشركات نموا في التاريخ. ولكن يكاد يكون ثمة اتفاق بأن مايكروسوفت ربما تكون في واحدة من أضعف لحظاتها عبر حياتها الممتدة لما يزيد على ثلاثين عاما، إذ لا تزال أسئلة كبيرة حول مسار الشركة المستقبلي قائمة بغير إجابات.

وليد الشوبكي

نشر المقال بصحيفة السـفير اللبنانية، في العاشر من يوليو 2008.


مصدر الصورة: فليكر Flickr