السبت، 4 يناير 2014

خمسون عاما على رحيل كنيدي

مقال منشور في عدد  يناير 2014 من مجلة العربي الكويتية



لم تكن قد مرّت ساعة على تعرض الموكب الرئاسي للرصاص، حين أعلن وولتر كرونكايت، مذيع شبكة التليفزيون “سي بي إس”، وهو يبدل مضطربا موقع نظارته ليواريَ دمعه، أن الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة قد لقي مصرعه.

كان لاغتيال جون كنيدي وقعُ المأساة. فبُعَيْد انطلاق الرصاصات الثلاث القاتلة في مدينة دالاس في خريف العام ١٩٦٣، بث هؤلاء الذين نعوا كنيدي شعورا جمعيا بأن الموت الذي عاجل الرئيس الشاب قد حال بينه وبين إكمال مشروعه. وإن قصد النّاعون أبعادا مختلفة ومعاني متباينة لذلك المشروع. فحفلت تعليقات الكتاب وافتتاحيات الصُحُف بمفردات “النهاية قبل الأوان،” ثم بالسؤال المنبثق من ذلك المعنى، والذي شغل كُتّابا ومؤرخين لأعوام وعقود تالية: “ماذا لو لم يُقتل كنيدي في ولاية الجنوب تكساس، في الثاني والعشرين من نوفمبر؟”


بعد نحو شهر من الاغتيال، نَعَتْ حنا أرِنت، الكاتبة الشهيرة، جون كنيدي والبابا يوحنا الثالث والعشرين (الذي رحل قبل كنيدي بأشهر على أثر الإصابة بسرطان المعدة) فقالت: “الراحلان كلاهما غادرا قبل الأوان كثيرا، وذلك باعتبار المشروع الذي بدأه كل منهما ولم يكمله. وقد تغير العالم وأظلم حين سقط في الصمت صوتاهما. ورغم ذلك، فإن حياتيهما قد غيرتا العالم، ولن يعود العالم أبدا لما كان قبل أن يرى هذين الرجلين.”

فما الذي تغير برئاسة كنيدي الولايات المتحدة لألْفٍ من الأيام؟ هل فقد الأميركيون بموته رمز الأمل في عهد ما بعد الحرب الكبرى؟ أكان ثمة فجوة بين أقواله وأفعاله واضطراب في صياغة مواقف بلاده، حسبما كتب في العام ١٩٦٦هانز مورغنثاو؟ وهل كان أثر كنيدي على المزاج الأميركي محصورا في سياساته كرئيس، أم في قصته (وآلامه) كشخص لم يكن براءا من العيوب، عاش حياة أغلبها في الوعي العام؟

وماذا لو لم يُغتل كنيدي، وأمهله الرصاص لإكمال فترته الرئاسية الأولى، واستمر بعدها لفترة ثانية حسبما كانت خططه؟ أكان يتغير مسار تاريخ الولايات المتحدة داخليا أو في علاقاتها بالأعداء والحلفاء؟ أكان يتغير مسار الحرب الباردة، أو تتبدّل طبيعة العلاقة بين البيض والسود ومسار حقوق المواطنة؟ أكان الرئيس الشاب، الذي كثيرا ما بشّر في خُطبه بقيم الحرية لكل البشر، يوجه الولايات المتحدة لمسلك غير الذي سلكته (عبر أجهزة الاستخبارات) في سعيها لإسقاط أو إضعاف الأنظمة المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي أو المناوئة للقطب الغربي؟

وإذ تعبر بنا هذا العام الذكرى الخمسون لرحيل كنيدي – ذكرى الاغتيال في الثاني والعشرين من نوفمبر ١٩٦٣ — لا يزال السعى متصلا للإجابة عن طرف من تلك الأسئلة. وآية ذلك ظهورُ طيفٍ جديدٍ من الكتب والأفلام (والصور على أغلفة المجلات السيارة) عن كنيدي التي صاحبت الذكرى. ورغم أن نحو أربعين ألف كتاب قد تناولت حياة وموت كنيدي منذ صعوده إلى سُدَّة الحكم في العام ١٩٦١، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز،" فإن أثره لا يزال "مراوغا،" كما كتبت "جيل أبرامسن" المحرر التنفيذي للصحيفة الأميركية واسعة الانتشار.

هذا الاستعصاء وهذه المُرَاوغة، في جانبٍ منهما، مردُّهما إلى قِصر ما قضى كنيدي في الحكم، ثم لاغتيال شقيقه “روبرت” (وكان النائب العام في عهد أخيه) في العام ١٩٦٨، ثم لحرص آل كنيدي، من زوجته وإخوانه ومن عملوا في إدارته، على التحكم في رواية التاريخ عن الرئيس الشاب. ومن ذلك، مثلا، أن بعض الحوارات المسجلة لزوجة كنيدي، جاكلين، لن تتاح قبل العام ٢٠٦٧.

فماذا بقي من كنيدي، في السياسة الأميركية وفي الوعي الأميركي، بعد خمسين خريفا من رحيله ظهيرة ذلك اليوم البعيد من نوفمبر؟

الأحد، 7 يوليو 2013

الثلاثون من يونيو وتبرئة الضمير الجمعي للمصريين

شهد عام د. مرسي في الحكم مواقف عديدة من التمييز ضد مواطنين مصريين، والذي بلغ أحيانا الاضطهاد والعنف والقتل. لو لم يعرف المصريون من رذائل حكم د. مرسي و"الأخوان المسلمون" سوى هذا لكفاهم سببا للانتفاض وإنفاذ التغيير.

ومشاهد التمييز عديدة ومتمايزة الدرجة. لعل أبسطها كان التمييز ضد غير المسلمين في لغة (وأماكن) خطابات الرئيس السابق. ثم كان التمييز ضد غير الأخوان في المناصب القيادية في الدولة. ثم التمييز ضد المسلم غير السني كما كان في صمت الرئيس السابق أواسط يونيو الماضي لدى الإساءة للشيعة في حضوره، ما ارتقى للتحريض المباشر، والذي ترجمه بُعيد ذلك بأيام موتورون مجرمون لحادث مُروع قضى فيه أبرياء منتمون للمذهب الشيعي (وشمل اللقاء الجماهيري أيضا شيطنة للمختلفين سياسيا ودعوات بأن ينزل الله بهم أشد العقاب).  وقبل ذك كله وخلاله الأمثلة لا تُحصى على التمييز ضدالمصريين من المسيحيين، في أحاديث قادة الأخوان وأعضائهم والمتحلقين حولهم.

أمام تلك الحلقات من التمييز ضد مصريين، كان لدى عموم الشعب المصري خياران. أولاهما أن لا يشاركوا في ممارسات التمييز وأن يرفضوها بالقلب أو القول حين تسنح الفرصة. والثاني أن يرفضوها بالفعل، بالسعي لإسقاط هيكل الحكم الذي يغذي ذلك التمييز ويُمنهِِجُه. ورغم أن نزول المصريين بالملايين في الثلاثين من يونيو كان لأسباب عديدة، فليس من المبالغة القول إن سببا منها كان رفض البعد التمييزي الذي بدا كجزء من بنية نظام حكم الأخوان. وقد رفض أغلب المصريين، فيما يبدو، تحمل شعور الإثم الجمعي (كما حدث للألمان على أثر الجرائم ضد اليهود أو للأوروبيين على أثر جريمة استرقاق الأفارقة) لجرائم تمييز لم يقترفها سوى فصيل سياسي واحد ضمن الطيف السياسي في مصر المعتدل/الوسطي في أغلبه.

ولست أقصد من ذلك أن أزعم أن الشعب المصري صار يؤمن بالقيم الليبرالية من نوع الحرية المطلقة للأفراد في المعتقد والتعبير وغيرها. فلا شك أن مكونات تمييزية/استبدادية/متطرفة تسربت لمسالك التفكير لدى نفر غير قليل من المصريين خلال العقود الماضية. ولكن حتى لدى هؤلاء، كان الخوف من الآخر المختلف دينيا أو طائفيا يتوقف غالبا عند التمييز السلبي (مثلا بتحاشي الاختلاط). أما تحت حكم الأخوان فقط رأينا حالة من التمييز العنيف والممنهج، والذي لم يرُق لأغلب المصريين فيما يبدو، بمن فيهم هؤلاء الذين يقبلون بطرف من التمييز السلبي على طريقة "دعهم في حالهم؛ لهم دينهم ولي ديني."

لو نظرنا للأمر من هذه الزاوية لوجدنا بعدا حتميا في انتفاضة الثلاثين من يونيو. والمقصود هنا، كما قال كتاب وأكاديميون كثر، أن عمومية الشعب المصري رفضت ضمن ما رفضت في حكم الأخوان "تطبيع" التمييز، أي جعله أمرا طبيعيا ومقبولا، حتى لو سيق لتبرير ذلك نصوص مقدسة. ومن ثم، فإن المشهد الملاييني في الثلاثين من يونيو كان في وجه من وجوهه تبرئة للضمير الجمعي المصري من وصمة قبول التمييز ضد مصريين والانتقاص من كرامتهم. 

الخميس، 4 يوليو 2013

"انقلاب" نباهي به العالم

من حق كل منا أن يخطئ التقدير أو يتلعثم في البيان. ولكن يثير الانتباه ويدعو لمحاولة سبر الغور ذلك الذي يشبه الإجماع لدى كثرة غالبة من الأخوة العرب من غير المصريين في رفضهم القاطع أن تكون أحداث الثالث من يوليو تعبيرا ما عن الإرادة الشعبية.

كتب، مثلا، أحد الأصدقاء، على تويتر:
"ألا يفهم متظاهرو #التحرير أن الجو الذي جعلهم يخرجون للميادين ويرددون الشعارات ملء أفواههم دون خوف هو الديمقراطية التي يغتالونها ببلاهة؟"

وكتب زميل سابق:
"ما حدث بمصر يعطينا دروسا في أساليب حشد الغوغاء، وخطورة الإعلام، والمال السياسي، والأهم حقيقة أن الجيش في مصر هو الدولة ومصدر السلطات."

 وثمة أمثلة عديدة غير ما أسلفت. 

والسؤال إذن: لماذا هلل وتهلل هؤلاء في ١١ فبراير لدى إسقاط مبارك ولم يبادروا للفعل ذاته لدى إسقاط مرسي في الثالث من يوليو، رغم أنهما كليهما تعبير عن الإرادة الشعبية الغالبة (فلم يكن كل المصريين ضد مبارك في الأولى ولا مرسي في الثانية)؟

حاولت الإجابة من أيام عبر التمييز بين الديمقراطية كفكرة والديمقراطية كفعل. وذهبت إلى أن أغلب أخواننا غير المصريين تركز بصرهم على الفكرة، أي على مبدأ أن من أتى بالانتخابات لا يذهب بغيرها، بينما يراها المصريون الذين عاشوا حقبة مرسي باعتبارها لحظة التقاء الفكرة/المبدأ بالواقع، واعتمال تلك الفكرة في الواقع اليومي. ومن ثم، فمفهوم الديمقراطية لدى ملايين المصريين الذين خرجوا لرفض د. مرسي أثرت فيه ملابسات الحياة اليومية (من إدارة لشؤون البلاد وتوفير الأساسيات مثل الكهرباء والبنزين) مما لا يحوزه نظر من يعيش خارج الظرف المصري.

ولكن لما بدا ما بدا من رفض للإرادة الشعبية الغالبة (لكل من أبقى عينيه مفتوحتين خلال الأسبوع الماضي)، فسأقترح هنا سببين آخرين كامنين لرفض كثير من العرب غير المصريين إرادة جموع المصريين هـذه المرة والإساءة لها والاستعلاء عليها. الأول أن الحفاوة بإسقاط مبارك في فبراير ٢٠١١ تعلقت بمبارك أكثر مما تعلقت بالإرادة الشعبية للمصريين.  ففضلا عن كراهية المصريين له، كما تجلت في النهاية في الإطاحة به، كان الرئيس المصري السابق محط كراهية الشارع العربي لأسباب عديدة. منها خاصة موقفه من حصار غزة (والهجوم الإسرائيلي عليها في ٢٠٠٩) واعتباره في نظر الكثيرين (ولأسباب معقولة) أحد المنفذين الأساسيين للسياسية الأميركية في المنطقة.

كان ثمة ائتلاف من الكارهين إذن لمبارك. فلما ثار المصريون ضده بارك الكارهون إسقاط من قامت ضده الثورة وليس بالضرورة عزيمة وإرادة من ثار.  وتبدى ذلك حين تجلت تلك العزيمة وتلك الإرادة مجددا خلال أحداث الأسبوع المنصرم في رفض جر البلاد لحرب أهلية، ورفض الفقر المدقع في القدرة على إدارة البلاد، ورفض العودة لطرائق حكم من العصور الوسطى. فما كان من ائتلاف كارهي مبارك إلا أن نعتوا المصريين بالغوغاء، وغياب الإرادة (يحركهم المال وشاشات التليفزيون) وسلوكهم بالبلاهة.

فإن كان الأمر متعلقا بمبارك في الماضي، ولما لم يعد مبارك جزءا من المشهد الآن، فما سبب تطوع كثيرين بنقد منحى الإرادة الشعبية المصرية الآن؟ أحد جذور ذلك في ظني أن الكثيرين متشربون بالخطاب (والمشروع) الإسلامي، والذي يرى غاية الحكم في إرضاء الرب بدلا من الشعب، أو على حساب الأخير. فكثير من هؤلاء نما وعيه السياسي ضمن أحلام ووعود مشروع إسلامي للحكم، ولم يتحملوا أن يتضعضع بنيانهم هكذا على عجل، كهياكل المومياوات، أمام أول هبة شعبية.

ومن ثم سيسمونه انقلابا. وهذا شأنهم. أما لماذا يميل المحللون الأجانب لمفهوم الانقلاب فهذا حديث لمداخلة أخرى.

أغلب المصريون فرحون، وفرحهم مستحق.  فإن أسماه البعض انقلابا، فغيرهم كثر يدركه كتعبير ثري عن إرادتنا الجمعية. فالأسماء ليست الأشياء. واكتمال تبلور تلك الإرادة لن يظهر إلا حين يترسخ مسار التحول الديمقراطي في مصر باتجاه وطن يرحب كل المصريين بغير تمييز من أي نوع.  وخلال ذلك الحين، إن أسموه "انقلابا" فليكن. وبه نباهي العالم.


الجمعة، 24 يوليو 2009

التحقيق الصحافي العلمي في الكتابة العربية

وليد الشوبكي

ورقة قدمت في اجتماع المنظمة العربية للعلوم والتربية والثقافة (ألكسو) للصحافيين العلميين | دمشق، سوريا
13 يونيو/حزيران 2009

في صباح السابع عشر من يونيو/حزيران بالعام 1972 تلقى صحافي شاب بصحيفة الواشنطن بوست مهمة تغطية ما بدا أنها حادثة سرقة في مقر الحزب الديمقراطي في واشنطن. لم يتحمس الصحافي كثيرا، وكان قد التحق بالـ "بوست" قبل ذلك بتسعة أشهر فحسب. ولكنه ذهب لمقر البوليس على أية حال. أثمرت هذه البداية المتواضعة ما قد يكون أعظم لحظات المجد في تاريخ الصحافة قاطبة. فبعد نحو عامين من التغطية لسلسلة الانكشافات التي بدأت بذلك اليوم من حزيران، اضطُر الرئيس الأميركي نِكسون للتنحي على أثر فضيحة الفساد التي اكتشفها وفصّلها بشجاعة ذلك الصحافي الشاب (بوب وودورد) وزميله (كارل برنستين). وكانا كلاهما في بدايات العِقد الرابع من العمر.

في العالم العربي، بالمقابل، نجد دورا أضعف للتحقيق الصحافي. وقد ذكر ذلك الصحافيُّّ المرموق محمد حسنين هيكل غير مرة بقوله أن ثمة غَلبة لصحافة الرأي في العالم العربي على صحافة الخبر. والمقصود أن ثمة نزوعا في العالم العربي لتدبيج مقالات الرأي بدلا من إنشاء المقالات المعتمدة على النقل الصحافي، أي التحاور مع ذوي الشأن في القضية محل النظر، ثم عرض الأراء المختلفة في تدرجها عبر طيف الألوان، وليس كصراع في ثنائية الأبيض والأسود.

وليست الصحافة العلمية استثناءً في زهدها في التحقيق الصحافي ونأيها عنه. فللكتابة العلمية (ولا أقول الصحافة العلمية) في العالم العربي رافدان: مقالات الرأي ومقالات التحليل المعتمدة على البحث أو الترجمة أو كليهما. أما الصحافة العلمية العربية، أي المعتمدة على التحقيق الصحافي (عبر عرض أراء آخرين) فدورها ضئيل. وغالبا ما يعتبرها الصحافيون مرحلة انتقالية "يضطرون" لخوضها في بدايات عملهم الصحافي، ثم يهجرونها لكتابة مقالات الرأي ما إن يتكون لهم شيء من رصيد الثقة لدى القراء. 

الثلاثاء، 28 أبريل 2009

حياتي مع "فيستا": من المناطحة إلى المصالحة

صارت الحواسيب – وأنظمة التشغيل التي تديرها – جزءً محوريا من حيواتنا. ولكنها ليست دوما الجزء الأسعد. ما يلي جانب من كفاح رجل أعزل على جبهة أنظمة التشغيل.

وليد الشوبكي | إسلام أونلاين

فكرت وقدرت، وترددت وتلعثمت، ثم في النهاية قررت أن أشتري حاسوبا بنظام "ويندوز فيستا". وكان ذلك قبل بداية ربيع العام 2007 بأيام قلائل. أما التردد فكان راجعا لما قرأت من تعقيبات صحافية وتحليلية حول نظام "فيستا" الذي أصدرته مايكروسوفت أوائل 2007. وكان الرأي الغالب أن "فيستا" بطيء وغير متوافق مع البرمجيات التي طُوّرت لسلفه "إكس بي"، وأنه يستهلك الطاقة الحاسوبية (للمعالج ولشريحة الذاكرة RAM) بنهم، ومن ثم فإنه يحتاج إلى عتاد حاسوبي ذي إمكانيات عالية.

السبت، 18 أبريل 2009

الحوسبة في حقبة ما بعد الحاسوب الشخصي

نستطيع تفسير أغلب التطورات الحديثة في ميدان تقنيات المعلومات بإرجاعها لثلاثة متغيرات أساسية. وفي كل منها زادت القدرة بينما انخفضت الكلفة: قدرة المعالجات الحاسوبية، سعة التخزين الرقمية، وسعة نقل البيانات عبر الشبكات (bandwidth). 


قد يبدو الأمر غير ذلك، ولكن ثمة قاسما مشتركا بين محرك البحث جوجل وظاهرة "الحوسبة الُموزّعة" (cloud computing) وشبكة "فايسبوك،" والنماذج الحاسوبية لتغير المناخ وهاتفك النقال وموقع "يوتيوب" والإصدار الأخير من نظام تشغيل "ويندوز". ذلك أن هؤلاء جميعهم يرتكزون في عملهم، أو في لب وجودهم، على الأثر الجمعي لثلاثة عوامل: تزايد كفاءة المعالجات الحاسوبية مع تراجع كلفتها (أو ما يُعرف بـ "قانون مور")؛ تزايد قدرة وسائط التخزين الرقمي مع انخفاض كلفتها؛ وارتفاع قدرة شبكات نقل البيانات (bandwidth) مع تناقص كلفتها.

الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

مايكروسوفت وحقبة بل جيتس: كشـف حسـاب

إذ يغادر بيل جيتس منصبه التنفيذي على رأس مايكروسوفت ليتفرغ لمؤسسته الخيرية، فإنه يترك وراءه شركة تمس بمنتجاتها شتى أوجه حياتنا منذ سبعينيات القرن الماضي. ويُخلّف وراءه أيضًا مسألة الاحتكار التي تقض مضجع الشركة العملاقة منذ أوائل التسعينيات الماضية.

فسعيها الحثيث للمنافسة في ميادين عدة قد جعلها دومًاً محط انتقاد، وهدفًاً للدعاوى القضائية التي لا زالت بعض جولاتها تدور في أروقة المحاكم إلى الآن. فكيف بلغ جيتس قراره بالتنحي عن عرش مايكروسوفت في تلك الظروف؛ وما مستقبل عملاق البرمجيات بعد رحيله؟ هذا ما يكشف عنه هذا الملف عبر المحاور التالية:

- كيف صارت مايكروسوفت أكبر شركة برمجيات في العالم؟

- هل مايكروسوفت شركة احتكارية؟

- كيف يبدو مستقبل مايكروسوفت بعد رحيل جيتس؟